لستُ الصنوبر.. المدينةُ ميتة
شعر عبد المنعم حمندي 
الحرائقُ لا تنطفي ..
والشوارعُ مكسوةٌ بالسخام
اختنقتُ .. فهذا الدخان ثقيلٌ ..
وهذي المدينةُ شاحبةٌ..
غادرتها العصافيرُ ..
لم يبق فيها سوايَ
وهذا الظلام
قال : كيف استطعتَ
المكوث هنا؟
والحدائقُ يابسةٌ
كل أشجارها اصطبغت بالسواد،
وتلهثُ نحو مواتٍ زؤام
……
الزهورُ هنا دونما رائحةْ .
والهواءُ تعفّن من شدّة الجائحةْ
لستُ ذاك الصنوبر ،
لا تستقيمُ على جذعه الريحْ
أو صخرةٌ تستطيعُ
الكلام الفصيحْ
إنّ هذي الشوارع تمشي معي ..
وتجري الحرائقُ ..
تجري.. ولا تستريحْ
وأراها تكابرُ في حزنها،
وجهها يتغضّنُ في الضوءِ،
في نزفها ألفُ ذئبٍ جريحْ
……
قال : هل ترحلُ الآن؟
هذي المدينةُ ميتةٌ
أهلها حجرٌ ،
والنخيلُ الذي كان فيهااضمحلَّ
وكل النساء سُخطن ،
غدون سلاحف..
لا تطمئنّ إلى أيّ نبضٍ،
وحتى المرايا حجر
اكتئبتُ…
: أريد قليلاً من الماء ..
كأسَ نبيذٍ
فلا أتهيّبُ من أي وحش ..
ان هذي المدينة أُمّي..
فكيف أغادرها ..
وبأي ضمير ألاقي الإله ؟
……
يالبؤس المدينةِ ..
في الليل نائحةٌ
وأصابعُها نازفات
وبرغم خواتمها اللامعات
قد علاها التراب
وتشيرُ إلى قمرٍ من وراء السحاب
يتبسّمُ في ولهٍ، ويزيح الضباب
هو ضوءُ الحنين
وما قد تبقى من النور
بعد الغياب
سيطلُّ علينا ويكشفُ
عن لؤلؤٍ في مَحَارِ العُباب
….
” عبد المنعم حمندي “