قصيدة : “الهابطون من السديم” —————————-

شارك

عبد المنعم حمندي

رحل النهارُ ،الشمس لم تشرق ،
ولا في الليلةِ الظلّماء نجمٌ
هل تراني دجلةٌ .. ؟
وأنا لها ضوءٌ وبيتُ
وأرى انكساري نخلةً عجفاءَ حانيةً،
بأوّلِ جُثّةٍ لمْلمْتُ نفسي واختبأتُ
وبأُمِّ عيني قد رأيتُ الحقد ،
هدَّمَ مابنيتُ
صمتي نحيب الصاعدين الى السماء،
القابضين على المجامر خبزهم ،
حجر ُ بمُرتَحلٍ لنا نزفٌ ومَوتُ
…..
لي غيمةٌ تهمي عليَّ دموعها
و يسوسوها قمرٌ معي
يمشي على غيرهدى
وبصيرةٌ عمياءُ تحلم بالندى
لا يستجيب لها الصدى
وليس في غبش الدروب .. سوى الردى
و هناك من يروي أساطيراً عن الجنّ ،
حكاياتٍ ، كأنك تصعد المعراج ..
سُلّمكَ المدى
….
نثرواَ النجومَ وزيَّنَوا الأسحار ،
والأفقَ البعيد ،
و ما استعادَ الجنُّ في الرؤيا..
يُريكَ عجائبَ السحرِ الذي ،
بيدينِ من ذهبٍ
يصوغُ زمرّد الأنثى ، أَلا تبّت يداهْ
ذاك الذي يغوي ويزدرعُ الهوى
شجراً وآمالاً ليقطفها سواهْ
سبقت خُطاي الضوءَ ،
لا زلّت به قدمٌ ولا قدمي خُطاهْ
كيف الصعودُ ، ومَنْ يُضيءُ الأفقَ ..؟
انّك تحلمُ ،
يستذكرون ويحلمون ،
الآن يسردُ ، ماتيسّر من رؤاه
فلربما تصحو، رؤاهْ ..
….
ولِدوا شياطيناً كباراً ،
يلعبون ، يزمّرون ،
وينثرون الوهم في الطرقاتِ
وابتاعوا الهواءَ من الهواءِ،
وصدّروهُ الى الهواءْ
ويطبّلون ، تعزفُ النايات ،
تنشرُ لحنهَا في الليلِ ،
وابتكرَ الحُواةُ غوايةَ الفقراء ،
أبناءَ السبيل ، الحالمين بمزنةٍ تهبُ السماءْ
يُفضّضون الآي بالكلِم المرصّع بالعقيق ،
ويخلطونَ الرملَ بالتبر القديمِ ،
وفي نعيم الماء
يبتكرون ينبوعين من حجرٍ ،
كأنك ما جزعت ،
وما يُمَزِّق قلبكَ :
ناديتَ في عطشِ السقاية في الرواءْ
: هذا الدخان منائرٌ ،
ذكرى وذاكرةٌ دمٌ ،
فإلى متى تتباهلون ..
وتنبشون مقابر الشهداءْ ؟
…..
قلبي بوسع الأرض ،
لا أشياء تحزنني سوى وطني ،
وإيقاع النزيف المستديمْ
بكاء ذاك الفجر،
في شغفٍ يلوّعنا ،
ويمنحنا التصبّر في الجحيمْ
جيشاً من الشطّار والسفّال ،
مغتصبين سانحةً وشمساً لاتغيب،
عليكَ أن تجد الرغيف المرّ
في الزمن العقيمْ
فبأي آلاءٍ تحدّثُ ؟
وانتظاري وحشةٌ حمقاء
حاصرها الحواةُ الهابطون من السديمْ

.