(الحفر على مسلة عراقية )
مِن مَفرِقَيكْ
من أول التكوينِ ,قوس الأرض ،
كنت منارها ونشيدها.
فيض السحاب براحتيكْ
صغَت النجوم قلائدا
وزرعتَ أعراف السماء برافديك
وفي بنيك من الرعاة ..
ولكي تغيظ الحاسدين من الغزاةْ
شيّدت صرح حضارةٍ
وقبست أحلام البُناةْ
لا شيء يمنع لهفةً تصبو إلى مطرٍ
ولا نارٌ تحدُّ من الحياة
…..
يا كم عرفتك في انكسارك وانتصارك
أو في سموّك واحتضارك
وكُلَّما أسْبرتُ عمقكَ
أشرقتْ في الظل صورتك البهيةْ
وغسّلتني دمعتان من بكاء الابجديةْ
من الضياع المستمر ،
من الرحيل بلا وداعٍ
ينتقي وطناً تناوشه الغزاة البربريةْ
من وردةٍ تتلو عليكَ رحيقها ،
وشميمها شوق الهوية للهويةْ
…..
و تغوّرت اسطورةٌ شعواء
تنسخها الأرومة في الديار .
الروح في الأنوار تصعدُ
ثم تصعدُ بعدها النار المقدسةُ
التي قد كان يشربها النهارْ
عيناي غائرتان من حلك التأمل في الحوارْ
والموت إرثٌ دائمٌ ، مَنْ ذا سيمنحك اختيارْ .؟
…..
لكأن عين الشمس مثلي
لا ترى الضوء القريب، ولا السماء
لا والذي فلق البراءة في الدماء
لم أنس فجر الطالعين من الضياء
النازلين مع الهواء
الزارعين الكبرياء
…..
هم يُوقدون الروح
في الوطن المكبل بالطقوس ،
من الخرافة ، ماروى الخبرُ الكذوبْ
فافتح فضاءك ما استطعتَ اليهمُ
وارسم طريقاً حالماً
فلعلهم ضلَّوا الطريق إليك
في شرر الخطوبْ
قمرٌ … أعادَ بهاءه ،
الأشجارُ حانيةٌ عليك ،
فلِمَ التوجس ؟
والحنينُ بمائه حتماً سيغتسلُ الذنوبْ .
فلتحتطب نخل انكسار الحلم ..
لن تجِدَ الذي قد كنت تحملَهُ على قلقٍ …
ويحملهُ الظلام عصابةً تشقى بما تلدْ الحروبْ
زمنٌ لعوب
فلكلِّ غاشيةٍ سرائرُ تختفي فيها الثقوبْ
…..
تمضي السنون …
لا شمس تبزغ لا نجوم ولا مياه ولا شجرْ
غابٌ من الظلمات
والأوباش يفترسون صبحَ مروءةٍ
وبكل نبع صخرةٌ وبكل زاويةٍ حجرْ
ووجوههم سوداً أراها
والخطى الحيرى هناك تعثرت بين الحفر
ستظل تبحثُ عن بصيصٍ شاردٍ من نجمةٍ
وانا هنا متشبثٌ بالظلمتين ..
أكاد أمسك بالقمرْ
ولربما من حيث لا ادري نزلتُ إلى سقرْ
……
ليلٌ من الأوباش محض كريهةٍ
يمشي إلى تيهٍ وراء مسلةٍ تبكي عليهْ
اوقيدَته دون أن يدري
ليرتكب السقوط بساعديهْ
وا خيبة التضليل والتجهيل والترحيل
نحو مجرةٍ في هجرةٍ منها اليهْ
كم دمعةٍ حرى تنام بمقلتيهْ
كم مرةٍ سقطت نجوم الظهر من ابراجها
لتستقرّ على يديهْ ؟
فأكتب خطابك للظلام
وأقرأ على الوطن السلام
وأبعد خطاك الآن ، لا تقرب
فصوت الحق حتماً ينتصرْ
عالٍ وهذا الصمتُ يبقى مستعرْ
……
وتجمّعت من كل صوبٍ عصبةٌ ،
الغولُ والسعلاةُ والعنقاءُ..
لما استوطنوا ،
وأستفرسوا بين المجازر في الدمارِ
لتفرَّ من بين الضلوع حمامة الأحلام ظمأى للبراري
كنّا نهدهد صبرنا بجراحنا
عطشاً الى أملٍ تصبّر بانتظارِ.
ليلٌ طويلٌ غيهبٌ
وعيوننا ترنو إلى شبق النهار
والميتون استيقظوا
واستبدلوا الجثث القديمة بالجديدة ،
أخلعوا أكفانهم وقبورهم
وسياسة الذبح على مر العصور .
فهل تضيق الارض في هذا الحصارِ ؟
في هامة الوطن المشظّى
حرزةٌ ورُقْيَةٌ تحمي اللآلئ في المحار
هم يصنعون طفوفهم ،
ودماؤهم في لوحةٍ منقوشةٍ
فوق الجدارِ